عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2012, 04:22 AM
  #1
رندة
مشرفة
 الصورة الرمزية رندة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 8,727
شكراً: 38,651
تم شكره 41,326 مرة في 8,578 مشاركة
Icon37 بمَ يتفق التأمين التقليدي مع التكافلي؟




سبق أن كتبت عن التأمين التقليدي والتأمين التكافلي، وأزضحت أنه لا يوجد هناك فروق جوهرية بينهما من حيث المنتج النهائي (التأمين)، ولا من حيث آلية صناعة المنتج، والفرق الرئيسي هو كيفية التعامل مع المبالغ المحصلة من قبل المؤمن عليهم أو المؤمن لهم.. ولكن بعد قراءتي لثلاثية الدكتور محمد الفزيع، التي يتبنى فيها وجهة النظر المحافظة وتفيد بوجود فوارق جوهرية تسوغ فكرة تحريم التأمين التقليدي وتحليل التأمين التكافلي، وجدت من المناسب أن أعيد الكتابة في هذا الموضوع، محاولا توضيح أوجه الشبه بين هذين النوعين.
لو كان عنوان المقالات الثلاث: بم يختلف عقد التأمين التقليدي عن عقد التأمين التكافلي؟ لكانت مضامين المقالات أقرب إلى الصواب. حيث فعلا، وكمال قال الدكتور محمد الفزيع، عقد التأمين التقليدي يسمى المبلغ المدفوع من قبل المؤمن لهم (قسط التأمين)، بينما عقد التأمين التكافلي يسميه قسطا أو اشتراكا، ثم يعيد تسميته بالتبرع أو التعهد بالتبرع.. وبهذا يصبح العقد «متفقا مع الشريعة».. لكن السؤال هنا: هل هذا كاف ليكون التأمين التقليدي مختلفا عن التأمين التكافلي؟ هناك الكثير من الفقهاء لا يرون هذا، منهم الشيخ عبدالله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، حيث يردد رأيه القديم بأنه لا يوجد فرق بين التأمين التقليدي والتأمين التكافلي، وأن رأي المجامع الفقهية ليست وحيا.
يكفي في هذه المقالة أن اذكر صفات عقد التأمين بشكل عام، وعلى القارئ أن يبحث هذه الصفات ويرى مدى توافرها في عقود التأمين، سواء التقليدي أو التكافلي.
1 ـــ عقد ملزم من طرف واحد: عندما يدخل المؤمن له بهذا العقد بعد دفعه قسط التأمين يصبح العقد الزاميا على شركة التأمين فقط، ولا يوجد أي التزام على المؤمن له.
2 ـــ عقد مشروط: بمعنى ان شركة التأمين لا تنفذ التزاماتها الا بشرط تحقق الحادث المؤمن منه وترتب أضرار مادية عليه.
3 ـــ عقد ملزم: وهذه الصفة مشهورة لدرجة انها اصبحت مثالا، عندما توصف صفقة متشددة بانها مثل عقد التأمين لا يعدل أي بند من بنود العقد الخلاصة، اما ان تقبل العقد بشكله الحالي أو ترفضه بأكمله.
4 ـــ عقد غير متساوي القيمة: وهذا من أوضح سمات التأمين، فالمؤمن له يدفع قسط التأمين (مثلا: 300 دينار للتأمين التكميلي على السيارة)، وقد يحصل على تعويض اكبر بكثير من قيمة القسط عند تعرضه لحادث (قيمة التعويض 3000 دينار).
5 ـــ عقد منتهٍ حين النية: هذه الصفة تجعل من عقد التأمين يعتمد على البيانات بشكل دقيق جدا، لذلك يلزم اطراف عقد التأمين الإفصاح عن كل البيانات الجوهرية، لما لها من اهمية في ضبط عملية حساب الاقساط والتعويضات.
هذه مجموعة من الصفات التي اعتقد انها متوافرة في نوعي التأمين التقليدي والتكافلي، مما يجعلهما متماثلين في نتائج التعاقد، تبقى هناك قضية التصرف بالأقساط، وهي قضية هامشية، فأحد أنواع التأمين يكون بشكل تبادلي (شركات التأمين التبادلية/التكافلية في مقابل شركات التأمين المساهمة)، الذي يتيح لإدارة الشركة توزيع الارباح على حملة الوثائق أو تخفيض اقساط التأمين عليهم، وبالطبع هذا الاختيار لا يعني ان التأمين مختلف. اما بالنسبة للغرر والجهالة فهما فعلا أدلة غير مناسبة للتفرقة بين التقليدي والتكافلي، فلو أردنا ان نعتمد على هذه التبريرات لما أصبح لدينا عقد مالي خاليا من الغرر، بالطبع في ظل حالة عدم التأكد الشائعة في الأسواق المالية.
لا أعتقد أن هناك جدوى من شرح آلية صناعة التأمين واثبات انها صناعة معقدة جداً، ولكن من المهم ان نتساءل عن مدى معرفة الفقهاء بهذه الآلية ليتمكنوا من الافتاء بحرمة التأمين التقليدي أو شرعية التأمين التكافلي، على سبيل المثاال، هل درس الفقهاء نظرية الخطر Risk Theory أم شرحوا موضوع المنافع المتوقعة Expected Utility Theory وهل حققوا في الآراء المتضاربة حول مشكلة المعلومات في صناعة التأمين Information Asmmetry Problem وكيفية تأثيرها على العرض والطلب على التأمين بشكل عام، وفي النهاية ما رأيهم في مشروعية استخدام نظرية الاحتمالات والاعتماد على قانون الاعداد الكبيرة The Laws of Large Numbers .
انا اعتقد ان صناعة التأمين صناعة ما زالت في طور النمو في العالم العربي بشكل عام، وفي الكويت بشكل خاص، وهذا ما ادى الى عدم وجود ثقافة تأمينية متخصصة متوافرة في أوساط المجتمع (الاكاديمية والمهنية).
لذلك في اغلب الاحيان عندما اعرف نفسي لدى العاملين بصناعة التأمين بأني مدرس تأمين دائما يوضحون ان دراسة التأمين شيء والعمل فيه شيء آخر، وهنا لا اقصد أن اقلل من عامل الخبرة المهنية، ولكن أوضح أن عدم توافر المفردات الاصطلاحية الخاصة بالتأمين تجعله من الصناعات المبهمة، والتي غالبا يتم التعامل معها قياسا لأقرب الصناعات المختلفة دون التأكد من خصوصية هذه الصناعة، فمثلا تتم المقارنة بين قسط التأمين والتبرع وذلك للتفريق بين عقدي التأمين التكافلي والتقليدي، وكذلك هناك الخلط الواضح بين قانون الاعداد الكبيرة وآلية تفتيت الاخطار، وايضا تجاهل التفريق بين انواع التأمين المختلفة مثل تأمينات الأشخاص وتأمينات الممتلكات وتأمينات المسؤولية المدنية، حتى أصبح يطلق على المبلغ المدفوع في تأمينات الأشخاص بمبلغ التعويض وليس مبلغ التأمين.
في نهاية المقال، أتمنى أن أكون بينت وجهة نظري الخاصة بتماثل التأمين التقليدي والتأمين التكافلي هذا من وجهة نظر فنية بحتة.

المصدر: فهد بن عيد
رندة غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
5 أعضاء قالوا شكراً لـ رندة على المشاركة المفيدة:
Ahmadhsn (10-01-2012), مجد (09-01-2012), arnouri (09-01-2012), BROKER (09-01-2012), البلخي (09-01-2012)